كان طبيبنا الشاعر يمر على مرضاه في جناح جراحة المسالك البولية بمستشفي الملك خالد الجامعي بالرياض
عندما أنشده أحدهم هذه القصيدة:
جِئْتُ الرِّيَاضَ مُضَــرَّجـاً بِــدِمَائِـي يَا رَبُّ صَـــبِّــرْنِـي عَــلَى بَلْوَائِي
أَنْتَ الْمُجِــيرُ إذَا دَهَتْنِــي عُـــسْـرَةٌ يَا فَــــارِجَ الْبَـــلْــوَاءِ
وَالـــــلأْوَاءِ
مَا خَابَ مَنْ يَرْجُوكَ فِي لَيْلِ الدُّجَى أَفْرِحْ بَنِــيَّ وَرَضِّنِــي
بِقَضَـــــــائِي
إِنْ كَانَ لا يَرْجُــوكَ إلا مُـــحْسِــنٌ وَأَنَا الْمُسِيءُ،
فَمَنْ يُعِيدُ رَجَــائِي؟
إِلاأنْتَ يَا مَـنْ أُشْرِعَـــتْ أَبْــوَابُـــهُ
لِلْقَاصِدِينَ، تَـزِيــدُ فِي الْحَسْنَـــاءِ
يَا رَبِّ قَدْ ضَــاقَتْ عَلَيَّ بِأَسْـــرِهَـا إِلا إِلَيْكَ فَمِنْـــكَ يَأْتِــي
شِـــفَائِي
يَا خَــالِقَ الثَّـــقَلَيْنِ يَــا رَبَّ الْوَرَى يَا عَـــالِمَ الْخَلَجَــاتِ
وَالأَسْــمَاءِ
يَا مَن إِذَا أَمْضَيْتَ أَمْـراً قُـلْتَ كُــنْ فَيُجِـــيبُ مُمْتَــــنِعٌ لِكُلِّ
نِـــدَاءِ
أَنْتَ الْقَرِيبُ إِذاَ دَعَــا لَكَ مُخْـبِتٌ تُعْطِيـــهِ بَـلْ تُرْضِيــهِ كُلَّ
رِضَــاءِ
أَمْضَيْـتُ أَيَّــاماً أُعَــانِي
كُرْبَــــتِي فِي صَـرْحِ
"خَالِدَ" مَعْقِلِ الشُّرَفَاءِ
وَيَحُفُّ بِي شُــمُّ الأُنُــوفِ أَمَـاجِـدٌ مِـن صَفْــوَةِ الْعُـلَمَاءِ
وَالْحُكَمَــاءِ
لَكِنَّنِــي مُنْصَــابُ أَحْبِسُ عَبْــرتِـي مِـنْ أَنْ تَفِــرَّ فَـيَنْتَشِـي
أَعْــدَائِــي
وَأُخَـــالِسُ النَّظَـرَاتِ
نَحْوَ مُحَدِّثِي كَيْــَلا يَـرَانِــي مُبْدِيــاً إِعْيَــائِــي
أَتَجَــرَّعُ السَّــاعَاتِ سُـمًّا نَاقِـــعاً أَيَّــامُهَــا تَـقْـتَـاتُ مِــنْ
أَشْــلائِـي
يَارَبُّ صَـفْحاً إِنْ ذَكَرْتُ مَصَـائِبي أَوْ قُـلْتُ قَـوْلاً يَعْتَـرِضْ
لِرَجَـــائِي
كُـلُّ الْمَصَـــائِبِ إِنْ أَتَتْـنِي جُمْـلةً هَــانَتْ وَلا يَشْـقَى بِهَــا
أَبْـنَــائِـي
يَا رَبُّ لُطْفَكَ بِالضَّعِــيـفِ إِذَا دَعَا مُتَعَثِّــــــراً وَيَــنُــــــوءُ
بِالأَعْبَـــاءِ
فَاجْعَل خِتَامَ الأَمْـرِ نَصْـراً ظَـاهِـراً وَاجْمَـعْ شَتَـاتَ الشَّمْلِ
للأَحْيَـــاءِ
إِنِّـي قَصَـدْتُـكَ طَـامِعاً فِـي
نَفْـحَـةٍ مِنْ فَيْضِ فَضْلِكَ فَاسْتَجِبْ
لِدُعَائِي
وفي جولة مرور اليوم التالى وقف الطبيب الشاعر ربيع
السعيد عبد الحليم عند سرير مريضه الشاعر وألقى عليه هذا الرد:
جِئْـتَ الرِّيَـاضَ عَلَـى جَنَاحِ
رَجَاءِ شَــقَّ الْفَـضَـاءَ إِلَى
عَنَـــانَ سَـمَـاءِ
جِئْـتَ الرِّيّـاضَ عَلَـى جَنَاحِ دُعَاءِ تَــدْعُــو الإلَــــهَ مُفَــــرِّجَ
الضَّـرَّاءِ
كَــرْبٌ أَطَــلَّ لِيُبْتَـلَى أَخْيَـــارُنَــا لا بُـدَّ مِـــنْ مِحَـنٍ وَمِـنْ
بَـلْـــــوَاءِ
مَـرَضٌ يُـؤَجِّجُ فِي الْفُؤَادِ مَـوَاجِعاً وَيَظَــلُّ يُـرْهِــقُ كَـاهِلَ
الأَعْضَـــاءِ
أَلَـمٌ يَـزِيـدُ وَحُـرْقَـةٌ ، مِـنْ سِــدّةٍ عَجَــزَ الْفَــتَى عَـنْ أَبْسَطِ
الأَشْيَـاءِ
قَــالُوا لَـهُ مَـامِنْ عِــلاجٍ عِـنْدَنَــا إِلا قَـــثَـــــاطِــيرٌ بِكُــــلِّ
عَـــنَــاءِ
وَتَفَــاقَمَتْ نُـذُرٌ عَلَيْـكَ شَـدِيـدَةٌ لا تَــسْــــتَسِيغُ عُــذُوبــةً
لِلمَــــاءِ
وَأَطَـــلَّ إِبْـلِيـسُ اللَّعِـــينُ مُخَـوِّفاً وَمُــيَئِّــــساً وَمـُــــهَــدِّداً
بِفَـــــنّاءِ
وَمُــوَسْــوِساً: مَـنْ للْقَـرِينَةِ والْكَرِ يمَـةِ ، مَـنْ لأَعْبَــاءٍ لَـدَى
الأَبْنَـــاءِ
لَكِنْ لَجَأْتَ إِلَى الـرَّحِيمِ مُـسَارِعاً وَمَــدَدْتَ لِلرَّحْمَـــنِ كَـفَّ
دُعَــــاءِ
تَدْعُو وَتَسْجُدُ فِي خُشُوعٍ قَـانِــتاً بِالصَّــبْرِ تَجْلُــو ظُلْمَـةَ
الْبَــأْسَــــاءِ
مُتِـضَـرِّعـاً
مُـسْتَغْفِـراً وَمُــحَوْقِـلاً
ذِكْـــرُ الإِلَــهِ لَـدَيْـــكَ خَــيْرُ دَوَاءِ
قَـلْـبٌ أَنَــارَ لَـهُ التُّقَى أَرجَـــــاءَهُ وَسِـــــعَ الْقَضَــاءَ بِحِكْمَةٍ
وَرِضَـاءِ
لا تَحْبِسَـــنَّ عَنِ الْمَـآقِيَ عَـــبْرةً وَدَعِ الــدُّمُـوعَ تُمِـدُّ نَـبْـعَ
صَــفَاءِ
وَتَفِيـضُ شِــعْراً رَائِـعاً هَـزَّ الْقُـلُو بَ بِصِــدْقِهِ وَبِحِكْـــمَةِ
الْحُـكَمَـاءِ
لَيْسَتْ دُمُوعَ شِكَايَةٍ أَو حَسْــرَةٍ أَوْ ضَعْفِ عَزْمٍ عِنْدَ هَـوْلِ
بــَــــلاءِ
خَشَــــعَ الْفُؤَادُ وأَتْبَعَتْهُ
جَــوَارِحٌ فَاغْرَوْرَقَــــتْ
عَـيْـنُ الْـفَتَى بِبُكــَاءِ
الْعَيْنُ تَخْشَـعُ، بِالْبُكَــاءِ،
لـِـخَالِقٍ سُـــــبْحَانَ رَبِّي
رَاحِم الرُّحَمَـــــاءِ
يَا ذَاكِـــراً لله فِي غَسَــقِ
الدُّجَى أَبْشِـــــرْ بِقُرْبِ
سَــــلامَةٍ وشِــفَاءِ